U3F1ZWV6ZTI1NzIyOTAyNjgzNTkwX0ZyZWUxNjIyODIzMTI5NDI3MQ==

قصة عاقبة الغدر


عاقبة الغدر


سامر تلميذ مهذب ، يحب جدته كثيرا ، ويستمع لنصائحها المفيدة ، لذلك كانت جدته ، تقص عليه في كل يوم ، قصة جميلة حلوة ، يجد منها العبرة والموعظة .

وذات يوم جلس سامر أمام جدته وطلب منها أن تحكي له قصة جديدة ، فربتت الجدة على كتفه في لطف وقالت له :

حسنا يا بني ، سأحكي لك اليوم قصة عجيبة ، وجميلة فاستمع إلي جيدا ...


بدأت الجدة قصتها فقالت :

يحكى أنه كان في قديم الزمان تاجر كبير من تجار الشام ، وكان هذا التاجر كثير الأسفار ، ينتقل على بغلته من بلد إلى اخر طلبا لأجود البضائع ، وأثمن التحف وأبدعها ، لا يبالي بما يصيبه من تعب ومشقة ...

وذات يوم شديد البرد ، خرج التاجر قاصدا بلدة بعيدة في تجارة له ، فلما صار في بعض الطريق بعيدا عن المدينة في وسط الصحراء ، أصابه التعب ، وكان المساء قد اقترب ، إذ به يرى ديرا عظيما ، (الدير : هو الذي يتعبد فيه رهبان النصارى) يجلس فوق سوره راهب غريب الهيئة ...


وما أن شاهده الراهب حتى نزل إليه ورحب به ، ودعاه لينام عنده هذه الليلة ، فقبل التاجر دعوته شاكرا له حسن صنيعه .

كان الراهب يعيش في الدير وحده ، فلما أن دخل التاجر إلى البيت ، حتى أخذ الراهب بغلة التاجر ووضع لها علفا تأكله ، وأنزل بضائعه عنها ووضعها في إحدى الغرف ، ثم أشعل نارا عظيمة بين يدي ضيفه ، وقدم له طعام العشاء .

فأكل التاجر حتى شبع وجلس الراهب من أمام الموقد يتجاذبان  أطراف الحديث حتى مضت قطعة من الليل ، وأراد التاجر أن ينام ، فأرشده الراهب إلى غرفة في أعلى الدير وقال له :

هذه هي غرفة نومك يا سيدي ... ثم تابع كلامه في لهجة غريبة قائلا :

ولا بد أنك ستجد فيها الراحة بعد ما عانيته من مشقة السفر ، وشدة البرد...

شكر التاجر الراهب على حسن ضيافته له ، ثم مضى إلى غرفته لينام ، ولكنه لم يكد يدخل الغرفة ، ويضع قدميه على أرضها ، حتى انشقت الأرض من تحته ، فسقط من أعلى الدير إلى أسفله وكادت أضلاعه أن تتحطم من شدة السقطة ...

نظر التاجر حوله ، فوجد نفسه في مكان فسيح تحيط به أسوار الدير ، فتمالك نفسه ، وأخذ يصيح بالراهب ليساعده ويفتح له باب الدير فلم يسمع لصياحه جوابا ، وعند ذلك سار وهو يترنح إلى جانب السور ، واحتمى بحجارته الناتئة ، من الثلج الذي أخذ يسقط بغزارة في تلك الليلة .


وبعد دقائق قليلة ، شاهد التاجر الراهب يقف في أعلى السور ، وينظر إلى مكان سقوط التاجر ، فأراد أن يناديه ليساعده في محنته ، لو لا أنه لمح بين يديه حجارة كبيرة ، أخذ يلقيها في مكان وقوعه ، فعلم عند ذلك أن الراهب يريد قتله ، ليأخذ ما معه من أموال وأمتعة ، فوقف صامتا لا يتحرك بحركة ، حتى توقف الراهب عن إلقاء الحجارة التي يريد أن يقتل بها التاجر وعاد إلى داخل الدير وقد ظن أنه تخلص من التاجر وأن الأموال والأشياء التي مع التاجر صارت له.

أخذت ساعات الليل ، تمر بطيئة ثقيلة باردة ، لم ينقطع الثلج خلالها عن السقوط ، فكاد التاجر أن يموت من شدة البرد ، ولذلك أخذ يبحث عن حيلة ليتخلص من هذا البرد ، فينجو بحياته...

وفجأة فطن التاجر الذكي إلى حيلة سر لها كثيرا ، وسارع لتنفيذها فورا ..

فماذا فعل التاجر يا ترى ...؟


لقد حمل حجرا كبيرا  من الحجارة التي ألقاها الراهب ، وأخذ يجري به في المكان الفسيح داخل الدير مسرعا ، إلى أن شعر الدفئ يتسلل إلى بدنه، وتعرق جسده  ولكن أصابه التعب ، فعاد لمكانه ليستريح قليلا ، حتى إذا شعر بالبرد ثانية عاد إلى رياضة دنه وهكذا قي التاجر على هذه الحالة إلى الصباح .


في الصاح الباكر ، وقبل أن تطلع الشمس ، سمع التاجر صرير باب الدير وهويفتح ، فسارع للاختباء ليرى ما يحدث ؟...

وإذا به يرى الراهب يخرج إلى المكان الفسيح من الدير ، ويتجه نحو مكان سقوطه ليطمئن على موته ، فلما لم يجده هناك صاح متعجبا : يا إلهي ...!!! أين ذهب هذا اللعين...؟!!!

ثم تابع قائلا يحدث نفسه :


حسنا ... لا بد أنه في مكان ما قرب البيت ، فتجمد من شدة البرد ، ومغطى بطبقة من الثلج أيضا، فلأبحث عنه جيدا ...

سار الرجل الغدار ، ليبحث عن التاجر من غير أن يغلق باب الدير ، فتسلل التاجر بهدوء إلى البيت ودخله ، ثم اختبأ في زاوية منه ، وهو يحمل بين يديه صخرة عظيمة ، ينتظر عودة الراهب ليضربه بها ، ويتخلص من شروره . وبعد قليل عاد الراهب من جولته ، ساخطا خائبا ، ودخل البيت ، وأغلق الباب خلفه ، وهو لا يعلم بما حدث ، وما كاد يخطو إلى الداخل خطوات قليلة ، حتى فاجأه التاجر من خلفه ، وضربه بالصخرة على رأسه بقوة ، فوقع ميتا ، لا حرااك فيه ...

وبعد أن قتل التاجر الراهب الغدار ، صعد بسرعة إلى الغرفة التي كان فيها بالأمس ، وتدفأ على النار التي كانت لا تزال مشتعلة فيها ، وأخذ كساء الراهب وتغطى فيه ، ونام إلى منتصف النهار ... وحينما استيقظ أخذ يطوف في أنحاء البيت بحثا عن الطعام حتى وجده ، فأكل منه حتى شبع ، ثم حمل مفاتيح الراهب وأخذ يدور على غرف الدير ، غرفة غرفة ، فإذا به يجد في الداخل ، أموالا عظيمة ، من الذهب والفضة والأمتعة الثمينة ، لأن الرجل الغريب كان من عادته أن يقتل كل من ينام عنده ، ويأخذ كل ما معه من أموال ومتاع...


وفي صباح اليوم التالي ، ركب التاجر بغلته ، وذهب إلى قرية قريبة ، فاستأجر بها دارا كبيرة ، ونقل إليها جميع ما وجده في الدير من ذهب وفضة ومتاع ، ثم استأجر بعد ذلك دوابا كثيرة ، ورجالا عديدين وسار بما معه في قافلة عظيمة إلى بلده...

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة